لم تكن أسماء من أولئك الذين يكتبون التواريخ، ولا تحفظ أرقام الأيام على دفتر مزخرف، ولا تتبادل الهدايا الفخمة. لكن قلبها، ذلك الكائن الصامت، كان أشبه بتقويم سرّي لا ينسى.
ومن بين كل أيام السنة، كان هناك يوم لا يمكنها أن تمر عليه مرور الكرام، حتى وإن تظاهرت بالنسيان، أو خبأت ابتسامتها خلف فنجان قهوتها الصباحية...
عيد ميلاد أدهم.
ذلك اليوم الذي لم تحتج فيه إلى منبّه أو إشعار في هاتفها. كان قلبها وحده من يوقظها قبل شروق الشمس، ليهمس لها:
"اليوم، وُلد من أحب."
استيقظت أسماء مبكرًا على غير عادتها. كانت الشمس لا تزال تتسلل بخجل من خلف الستائر، لكنها لم تنتظرها. وقفت أمام المرآة، تُسرّح شعرها ببطء، وعيناها تحملان لمعانًا لا يفهمه سواها.
وفي ذهنها، دندنت بصوت خافت:
"مش محتاج تاريخ علشان افتكرك، قلبي هو التقويم..."
نظرت لهاتفها، لم تكتب تهنئة، لم ترسل "كل سنة وأنت طيب" كباقي الناس، لكنها شعرت بأن قلبها يكتبها له طوال الليل، مرارًا وتكرارًا، كأنها صلاة لا تنتهي.
الفصل الثاني: هو لا يعرف... أو ربما يعرفأدهم، الرجل الذي يحب التفاصيل دون أن يُظهر ذلك، كان يقلب أوراق مذكرته القديمة، تائهًا بين جدول عمله ومشاريع مؤجلة. لم يتلقَ رسالة من أسماء. انتظرها، بصمت، لكن دون أن يلومها. كان يدرك أنها ليست مثل الآخرين.
ابتسم، وقال لنفسه:
"هي دايمًا متأخرة، بس بتيجي في الوقت الصح... يمكن قلبي حافظ توقيتها."
كان بينه وبينها شيء لم يُقال، لكنه يُعاش في كل لحظة. لا يحتاج إلى إعلانات حب أو احتفالات صاخبة، بل يكفيه أن يتذكر صوتها، أو يقرأ في وجهها ما لم تُفصح عنه شفاهها.
الفصل الثالث: حفلة لا يحضرها سواهمافي المساء، تلقى أدهم رسالة من رقمها، لا صورة، لا رموز، فقط هذه الكلمات:
"قد تظن أني نسيت عيد ميلادك... لكن كيف أنسى يوماً محفوراً في قلبي؟"
قرأها أكثر من مرة، ثم رفع الهاتف إلى صدره، وأغمض عينيه. شعر أن شيئًا داخله يبتسم، ربما قلبه، أو ذاكرة كل لحظة عاشها معها.
بعدها، أرسلت له:
"فبينما يهنئك العالم بجملة عابرة... يظل قلبي وحده يعد الشهور والأيام والساعات والدقائق حتى أكون أول من يهمس لك:
كل عام وأنت سبب الفرح في قلبي."
ثم أضافت:
الفصل الرابع: لقاء في المكان الذي يشبهنا"هو الفرق بيني وبين الآخرين... فقلبي لم ينتظر التوقيت، بل انتظرك أنت."
دون سابق إنذار، بعثت له بموقع على الخريطة. مكان صغير على النيل، لا يعرفه كثيرون، لكنه كان لهما ملاذًا صامتًا. جلس ينتظرها، وكان يحمل وردة بيضاء. لا باقة، فقط وردة واحدة، تكفي لتقول: "اشتقتُك."
جاءت متأخرة قليلاً، كالعادة. لكنها حين وصلت، كانت تحمل شيئًا مختلفًا. لم تكن ترتدي شيئًا فاخرًا، فقط فستان بسيط بلون السماء في وقت الغروب، وشالها الأبيض الذي يذكره بأول لقاء.
حين رأته، ابتسمت... ثم جلست أمامه وقالت بهدوء:
"لو كان بوسعي أن أجعل قلبي يصنع لطعنته ليكتب بدمائه اسمك وتهنئته لك."
ضحك، وهز رأسه، وقال:
"وإنتي لسه بتكتبي كلام بالشكل ده؟"
فأجابت بثقة:
الفصل الخامس: الغناء الذي لا يسمعه سوانا"اليوم مش يوم عادي، ده عيد لقلبين مش واحد."
وفجأة، أخرجت من حقيبتها الصغيرة جهاز تسجيل قديم. كانت تعلم أن أدهم يحب الأغاني القديمة، وأغاني عبدالحليم تحديدًا. ضغطت زر التشغيل، وانطلقت أغنية خافتة:
🎶 "يا عمر الحب كلك أماني..."
"ميلادك الفرح والكون حولي تزيّن..."
"ومن فرحتي نسيت إني أنا تاني..."
أغمض عينيه، وسمح لصوته أن يهمس معها بالأغنية. لم يكن يغني جيدًا، لكنها كانت تحب صوته حين يغني لها فقط، كما لو أن العالم كله يتوقف ليستمع إليهما وحدهما.
الفصل السادس: الزمن الذي لا يشيخمرّ الوقت كأنه لحظة. تحدثا عن كل شيء ولا شيء. عن أيام الطفولة، وعن المواقف التي جمعت بينهما، وعن المرات التي ظنّا فيها أن الفراق قادم، لكنه لم يجرؤ على الدخول.
قالت له:
"حبي لك في الخفاء لا يعرف موعداً ولا مكاناً...
هو قدر دخل قلبي دون استثناء."
أمسك يدها، نظر في عينيها، وقال:
الفصل السابع: الاحتفال بصمت"وأنا كنت دايمًا منتظر لحظة زي دي، نحتفل فيها بعيد ميلادي... مع الشخص اللي ميلاده الحقيقي بدأ لما عرفته."
أخرجت من حقيبتها قطعة كيك صغيرة جدًا، بحجم القلب الذي لا يحتاج إلى جمهور. وضعت فيها شمعة واحدة، ثم قالت:
"نفخها مش عشان تطفيها، لكن عشان تتمنى... وأتمنى أنا كمان."
نفخ الشمعة، ثم نظر لها بصدق وقال:
الفصل الثامن: النهاية التي لا تنتهي"كل سنة وإنتي الأمان اللي بحتمي فيه... حتى لو الدنيا كلها نسيتني، إنتي قلبي ما بينساش."
عاد كل منهما إلى بيته، لكن لم يعد أيٌّ منهما كما كان.
أسماء، عادت بقلب أخف، وقلم أكثر حُبًا.
وأدهم، عاد بوردة بيضاء لا تذبل، وذكرى عيد ميلاد لن ينساها أبدًا.
وقبل أن تنام، كتبت له آخر رسالة في يومه:
لنهاية... أو ربما البداية ❤️"اليوم، رغم كل التهاني، يكفيني احتفالي بك وحدي، أنا وأنت فقط.
بعيد ميلادك الذي هو عيد لقلبي أيضاً.
في يوم ميلادك ابتسم قلبي وغنّى...
وقال:
يا عمر الحب كلك أماني
ميلادك الفرح والكون حولي تزين
ومن فرحتي نسيت إني أنا ثاني.
تفضلوا بزيارتنا بانتظام للاستمتاع بقراءة القصص الجديدة والمثيرة، ولا تترددوا في مشاركة تعليقاتكم وآرائكم معنا.