حين بدأت الحكاية بابتسامة | قصة حب لم تكتمل لكنها لا تُنسى

Admin
0

الفصل الأول: حين بدأت الحكاية بابتسامة
 لم يكن اليوم مختلفًا عن سواه، سوى في تلك اللحظة الصغيرة التي غيرت كل شيء.
كنتُ أسير بين الممرات المزدحمة في الجامعة، أحمل كتبي وأفكاري، ولا شيء في ملامحي يوحي أنني أنتظر معجزة.
لكنها حدثت — حين التقت عيناي بعينيه للمرة الأولى.

حين بدأت الحكاية بابتسامة | قصة حب لم تكتمل لكنها لا تُنسى
كانت نظرة قصيرة، لكنها دافئة إلى الحد الذي أربكني.
ابتسامة خفيفة ارتسمت على وجهه، لم تكن عابرة كابتسامات الغرباء، بل بدت كأنها تُحدث فرقًا حقيقيًا في يومي، في مزاجي، في تفاصيل وجودي كله.

لم يكن بيننا حديث، فقط نظرة، وابتسامة، وصمت طويل حمل أكثر مما يُقال.
ومنذ تلك اللحظة، لم أعد أرى العالم كما كان.

أذكر أنني جلستُ في قاعة المحاضرات أستعيد تفاصيل وجهه، ملامحه الهادئة، طريقة مشيه الواثقة، وصوته الذي لم أسمعه بعد لكنه بدا لي مألوفًا في خيالي.
كنت أضحك على نفسي بصوت خافت، كيف يمكن لابتسامة واحدة أن تسرق يقيني بالعقل والمنطق؟

لكن، كما يقولون، هناك نظرات تختصر كل الكلمات.

الفصل الثاني: وعد لم يُقال

مرت أيام وأنا أراه من بعيد — لا صدفة تجمعنا ولا كلمة تُقال، لكن هناك وعدًا خفيًا يسكن بين العيون.
كان يأتي إلى المكتبة في نفس الوقت تقريبًا، يجلس في الزاوية ذاتها، يحمل كوبًا من القهوة التي لم أعد أطيق رائحتها لأنها باتت تُذكرني به.

ذات مساء، هطل المطر فجأة، وكنت أقف عند باب المكتبة مترددة في الخروج. اقترب هو دون أن ألتفت، لكني شعرت بوجوده، بتلك الطمأنينة التي تأتي من غير لمسة.
قال بصوتٍ خافت:
– يبدو أن المطر لا يخطئ موعده أبدًا.

كانت تلك أول كلمة بيننا.
كلمة واحدة فقط، لكنها كانت كفيلة بأن تصنع يومي كله.

ضحكت، ونظرت إليه، فقال بابتسامة خفيفة:
– أنا سامر.
– وأنا ليلى.

ومنذ تلك اللحظة، صار للاسمين معنى آخر.
صرنا نلتقي دون اتفاق، وكأن العالم كله يتآمر ليجمعنا.
كنا نتحدث عن الكتب، عن الحياة، عن التفاصيل الصغيرة التي لا تهم أحدًا لكنها تعني لنا الكثير.

كانت نبرته دافئة، نبرة تُغنيك عن ألف اعتراف.
كنت أشعر في كل كلمة منه أنه لا يتحدث فقط، بل يعترف بشيء لا يجرؤ على قوله بصراحة.
وفي كل مرة يلتقي فيها نظره بنظري، كنت أشعر أن قلبي يخفق بدقة مختلفة عن كل الدقات التي عرفتها من قبل.

الفصل الثالث: الغياب الذي يعلّمنا الحب

في صباحٍ بارد، دخلتُ القاعة ولم أجده.
انتظرتُ، ثم يومًا آخر، ثم أسبوعًا كاملًا. لم يأتِ.
سألتُ عنه دون جدوى، وكأن الأرض ابتلعته.

الجامعة صارت رمادية بدونه، والمكتبة فقدت رائحتها المميزة.
كنت أبحث عنه في الوجوه، في الممرات، في الصمت الذي تركه وراءه.
أدركت حينها أن هناك شخصًا بوجوده فقط تصبح الحياة حياة، وبغيابه تصير الأيام مجرد مرورٍ ثقيل لا طعم له.

مرّت أسابيع قبل أن أراه مجددًا، لكن هذه المرة لم يكن كما كان.
كان وجهه متعبًا، وصوته مبحوحًا من التعب، وفي عينيه ظلّ الحزن.

قال وهو يبتسم بتعب:
– سأسافر، ربما لفترة طويلة.
قلت وأنا أحاول أن أبدو قوية:
– السفر دائمًا جميل، يحمل معه بداية جديدة.
ابتسم وقال:
– ليس دائمًا، أحيانًا يكون نهاية لم نطلبها.

لم أجد ما أقوله، فقط نظرت إليه بصمتٍ يختصر كل شيء.
ثم مدّ يده وربّت على كتفي، وقال:
– تذكّري دائمًا أن هناك ابتسامة قد تغيّر يومك… مثل يومنا الأول.

ثم مضى.

تلك كانت آخر مرة رأيته فيها.

الفصل الرابع: الرسالة التي لم تُرسل أبدًا

مرت الشهور، ثم الأعوام.
تخرجتُ، غادرتُ المدينة، لكن شيئًا منه لم يغادرني.
كنت أكتب له رسائل لا أرسلها، أضعها في صندوقٍ صغير وأغلقه في كل مرة على قلبي.

أكتب له عن كل ما تغير في حياتي، عن الكتب التي قرأتها وحدي، وعن القهوة التي فقدت معناها، وعن الطرق التي لا زلت أمشيها بانتظاره.

في إحدى الليالي، وبينما كنت أرتب أغراضي القديمة، وجدت صورة لنا التُقطت مصادفةً في نشاطٍ جامعي.
كان يضحك، وأنا أنظر إليه.
تأملت الصورة طويلاً، ثم كتبت في أسفلها:

"هناك دقة قلبٍ لا تتكرر، وهناك نظرة تُغيّر العمر كله، وهناك شخص بوجوده فقط تصبح الحياة حياة."

وضعت الصورة داخل الصندوق، وأغلقته بهدوء، ثم ابتسمت.

لست أدري إن كان القدر سيجمعنا مجددًا،
لكنني على يقين أنني، منذ تلك النظرة الأولى،
لم أعد الفتاة ذاتها التي كانت تمشي بلا انتظار.

لقد علّمني أن بعض اللقاءات لا تحتاج إلى قهوة ولا بحر ولا زجاج، لتصير خالدة.
يكفي أن تمرّ في حياتك كابتسامة صادقة، فتترك أثرًا لا يُمحى.

النهاية: لأن بعض الحكايات لا تنتهي

ربما لم يكن الحب بيننا قصة كاملة، لكنه كان حضورًا علّمني أن المشاعر الحقيقية لا تحتاج إلى ضجيج.
لقد كانت تلك النظرة وعدًا، وتلك الابتسامة حياة.
وكلما ضاق بي العالم، أستعيد تلك اللحظة لأتذكّر أن هناك من مرّ في طريقي ليخبرني أن الحياة قد تُولد أحيانًا من ابتسامة واحدة.

قسم

إرسال تعليق

0 تعليقات

تفضلوا بزيارتنا بانتظام للاستمتاع بقراءة القصص الجديدة والمثيرة، ولا تترددوا في مشاركة تعليقاتكم وآرائكم معنا.

إرسال تعليق (0)
3/related/default