حين بكت الورقة… وسقط الحرف - قصة من واقع الحياة

Admin
0

أكتب… وأكتب… وأكتب، والكل يقرأ…
فمنهم من يشعر بنفسي وشعوري،
ومنهم من يسرح بخياله بعيدًا فوق سطور الكلمات،
ومنهم من لا يعجبه ما أكتب فيمرّ مرور العابرين،
ومنهم من يرى نفسه في كل كلمة، فيقول: "كأنها كُتبت لي"

فالكتابة قد تكون همسة… أو حنينًا… أو حبًا… أو اشتياقًا… أو ألمًا… أو وجعًا لن يُشفى مهما مرّ عليه الزمان.
لكنّها في كل الأحوال، تظلّ أحاسيس حيّة تنبض داخل الورق، وتصل إلى كل القلوب مهما اختلفت الحكايات.

وهذه حكايتي…

حين بكت الورقة… وسقط الحرف - قصة من واقع الحياة

كنتُ شابًا عاديًا، لا يشبه أبطال الروايات ولا أعرف شيئًا عن الحب إلا ما يقال في الأغاني والقصائد. أعيش يومي ببساطته، لا أحلم بالكثير، ولا أفكّر بالارتباط، ولا أؤمن بأن للحياة مفاجآت قادرة على تغييرنا في لحظة واحدة… ثم التقيت بها.

كانت فتاة عابرة في طريقي، لكن حضورها لم يكن عابرًا أبدًا. ابتسامتها كانت كفيلة بأن تربك قلبي لأول مرة، وصوتها ذلك اليوم بقي عالقًا في ذاكرتي، وكأن الزمن توقف احترامًا لها. لم أكن أعلم أن تلك اللحظة ستكون بداية قصة كتبت فيها أجمل فصول حياتي… وأقساها أيضًا.

مع الأيام، صرنا أقرب… نتشارك تفاصيل صغيرة لا يلتفت إليها الآخرون، لكنها بالنسبة لي كانت دنيا كاملة. كنت أشتاق إليها وهي أمامي، وأفكر بها قبل أن أنام، وأتذكر ضحكتها في منتصف يومي فأبتسم دون سبب. لم أكن أملك الكثير، لكني كنتُ أملك قلبًا اختارها بصدق.

كانت تفهم صمتي قبل كلامي، وتعرف متى أخفي حزني، ومتى أتهرب من الإجابة، ومتى أتظاهر بأنني بخير. أحببتها لأنها لم تطلب مني شيئًا، ولم تكلّفني سوى أن أكون أنا… فقط أنا.

لكن الحب… لا يكفي دائمًا.

في لحظة مفاجئة، تغيّر كل شيء. الحياة التي جمعتنا بدأت تعلن تمردها، الظروف صارت أكبر منا، والخوف صار أقوى من قلوبنا. كانت تخشى المستقبل… وأنا كنت أؤمن بأن الحب وحده قادر على صنعه، لكن الواقع كان عنيدًا، أقسى من كل دفءٍ عشنا به.

ثم جاء يوم الرحيل…

لم يكن بيننا خلاف، ولا خيانة، ولا كراهية… بل وجع يشبه طعنة بلا دم. رحلت لأنها خافت أن تخسر نفسها، ورحلت لأني لم أستطع أن أعدها بما يفوق قدرتي.

في ذلك اليوم أدركت أن أصعب الفراق… هو فراق المتحابين.

جلست بعدها طويلًا أمام ورقة بيضاء، أحاول أن أكتب لأخفف عن قلبي قليلاً. وها أنا اليوم أكتب… ليس لأنني نسيت، بل لأنني تعلّمت.

تعلمت أن الحب الصادق قد يهزم أشياء كثيرة، لكنه يقف عاجزًا أمام القدر أحيانًا.
تعلمت أن بعض الوداع ضرورة، وأن بعض القلوب تُحبنا لكنها لا تستطيع البقاء.
وتعلمت أن من نحبهم بصدق… لا يرحلون تمامًا، بل يسكنون في جزء هادئ من الذاكرة ويكبرون هناك بصمت.

وأكتب… وأكتب… وأكتب…
ليس لأسترجعها، بل لأسترجع نفسي.
ولأقول لكل من يقرأ:

قد تقرأ قصتي فتراها قصتك… وقد تبتسم… وقد تبكي… وقد تمرّ دون أثر… لكن إن وصلت جملة واحدة منك إلى قلبك، فقد وصلت رسالتي.

فالكتابة يا سادة ليست حروفًا على الورق…
بل نبض، وحكاية، وتنفس، ونجاة.

فى النهاية ليس كل حب نعيشه مقدّرًا له أن يكتمل…
ولكن كل حب صادق يُكسبنا فهمًا أعمق للحياة، ولأنفسنا.
أحيانًا نخسر الشخص… لكي نربح التجربة.
ونتألم… لكي نقف أقوى.
ونكتب… لكي نُشفى.

قسم

إرسال تعليق

0 تعليقات

تفضلوا بزيارتنا بانتظام للاستمتاع بقراءة القصص الجديدة والمثيرة، ولا تترددوا في مشاركة تعليقاتكم وآرائكم معنا.

إرسال تعليق (0)
3/related/default